الاثنين، 31 يناير 2011

اللي بعده !


عندما زرت البحرين نهاية شهر شعبان الماضي .. أذهلني منظر رجل الأمن الذي كان يشير بعصا عاكسة للخارجين من مواقف مجمع ( السيتي سنتر ) ..
كان رجلاً في نهاية الأربعينات .. يقف في أقصى درجات الحرارة ليلاً و أعلى نسب الرطوبة في العالم و مع ذلك .. كان يبتسم لكل السائقين ..
و يشير لهم إلى الاتجاه الإجباري الذي كانوا سيسلكونه بإشارته إليه أو بدون الإشارة ..!

تذكرت حينها رجل الأمن الذي جاء ليطردني من قاعة عرض البحوث في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة عندما كنت منهمكاً في تقديم بحثي و شرحه بتفصيل لطالبات طب من جامعات عمانية و كويتية و بحرينية ..!
كان رجل الأمن ذاك يصرخ من بعيد : " يا أخ مايصلح تشرح لبنات " !!

و تذكرت كيف كان البروفيسور البريطاني ينعتنا جميعاً بلقب ( دكتور ) مع أنهم في بريطانيا لا ينادون بعضهم بالألقاب !!

إنني متأكد تماماً أن أغلبكم بدأ بتذكر موقفٍ حصل له مع موظف دولة ( نفسه في خشمه ) !

ستلاحظ فرقاً شاسعاً جداً بين تعامل موظفي الجوازات و الجمارك على الجزء السعودي من جسر الملك فهد و موظفي الجوازات و الجمارك على الجزء البحريني ..

سيستقبلك موظفوا الجزء السعودي بـ(تكشيره) كفيلة بأن تفسد يوم إجازتك الذي نويت أن تهرب فيه إلى البحرين .. حيث تستمتع بإنسانيتك كاملةً في مجمعات بلا شروط لدخولها ..
و شاشات سينما دون ( مطاوعه ) تهجم فجأةً و ( تخرب الدعوة ) ..!
موظف الجوازات على الجزء السعودي سيفتح لك نافذة ( الكابينة ) بعد دقيقتين من وقوفك بجانبها .. و سيمسك بالجوازات لمدة طويلة يقلبها و كأنه يبحث عن ( براشيم امتحان ) ..
ثم سينادي على من في السيارة بنبرةِ صوتٍ أقرب إلى نبرة صوت المحقق ..
ستضطر لرفع يدك .. ثم لأن تحشر رأسك بين المقعدين الأماميين ليراك أفضل .. ثم لتبرر له كيف اختلف شكلك حالياً عن شكلك في صورة الجواز التي التقطت قبل خمس سنوات ..!
سيمنحك الضوء الأخضر لتخطيه .. دون أي كلمة .. و سيغلق الشباك بقوة و كأنه انتهى من ( مجرم ) !

ستدخل إلى الجزء البحريني .. و سترى ابتسامة موظف الجمارك الذي يسألك بلطف : " ممكن تفتح الشنطة أخوك ؟ "
ثم يفتّشها بطريقة تشعرك أنه يفتّش كإجراءٍ روتيني فقط .. فيبتسم و يقول لك : " حيّاك الله " !
ستجد أن إجراءات الجزء البحريني لم تستغرق نصف الوقت الذي احتجته لتخطي الجزء السعودي ..!

ستبقى في رأسك علامة استفهامٍ كبيرة حول الطريقة التي يتعامل بها موظفو القطاع الحكومي لدينا في السعودية ..
و ستندهش مراراً من تفننهم في استفزازك حين تقوم بمراجعتهم طويلاً .. و تعتقد أنهم يطبقون المثل القائل " صاحب الحاجة أرعن " !!
ستراوك رغبةً في أن توسعهم ضرباً كل مرةٍ تراجعهم .. فينتهي الأمر بك لأن تُنهي المراجعة بـ " الله يعطيك العافية " فلا تسمع جواباً !!

و ستعرف حينها سبب نجاح القطاع الخاص و خصوصاً قطاع البنوك و شركات الاتصالات ..
التي تستقبلك بموظفين تم تدريبهم طويلاً على اللباقة وحسن الرد و المجاملة ..
و سيعجبك منظر الموظفين النظيف و أناقتهم العالية في اللبس و المعاملة ..

ستنتهي معاملتك في أقل من نصف ساعة بجملة " آسفين على التأخير " ..
و ستتذكر موظف الأحوال الذي رجاعته لمدة عشرة أيام .. و أنهى معاملتك بقوله : " اللي بعده !! " !!

" من سلسلة مقالات ( لقيمات ) / رمضان 1431هـ " 

هناك 3 تعليقات:

  1. اللي بعده لو سمحت << اقصد المقآل << دخلت جو هههه >> ،~

    لآ أقول غير "آعآننا الله على هؤلآء الموظفين"،~ < وأحب أن أنوه ، هنآك نسبة قليلة يقدمون عملهم بـ إخلاص وتفآني ،~ فـ أحياناً تتمنى أن تكون لديك معاملات اخرى حتى تقابل هؤلاء المخلصين :) ،~

    دآم نبض قلمك برعاية الله ،~

    ردحذف
  2. هههههههههههههه

    اللي بعده جاي .. بس صبرك عليه :)

    المثل يقول : لو خليت خربت !
    الشرفاء من الموظفين لا يزالوا على قيد الحياة ..
    لكن وجودهم لا يمكن ملاحظته .. بسبب المثل القائل : الخير يخص و الشر يعم !

    ممتنٌ جداً لتواجدك الجميل :)

    ردحذف
  3. مقالك عالجرح!
    إنت تقول لو خليت خربت!
    وأنا وغيري يقول الشر يعم والخير يخص!!
    والطالح دائماً يطغى!
    أشكرك جزيل الشكر

    ردحذف

إضافة تعليق ...