في كلية الطب .. نخافُ دائمًا من المرة الأولى ..
ربما يحدثُ هذا مع الجميع في كل مكان ..
لكنني أجزمُ أنه ليس مرعبًا / مهيبًا بالقدر الذي هو عليه في كلية الطب !
أهلي .. و أهلكم جميعًا .. هللوا و رقصوا و ( زغلطوا ) فرحًا بقبولنا في كلية الطب ..
أنا شخصيًا رقصتُ بجنون أمام مرآة غرفتي ..
و قفزتُ مرارًا و تكرارًا عن الأرض تعبيرًا عن فرحتي بحلمي الذي تحقق ..
لكن قلبي كان ينبضُ بسرعة جنونية كلما فكرتُ بالحياة الجامعية .. و كلما تذكرتُ أن الطب يُدرّسُ بالانجليزية ..
و أنه سبعُ سنواتٍ عجاف !
كنتُ أتمنى حينها أن تطول الإجازة الصيفية إلى ما لا نهاية .. و أن أبقى و يبقى من حولي سعيدًا بهذا القبول .. دون دخولي للقاعات الدراسية !
جاء اليومُ الموعود ..
لبستُ ثوبي الجديد .. شماغي الجديد .. جزمتي الجديدة .. ساعتي الجديدة .. قلمي الجديد .. ( كبكاتي ) الجديدة ..
ملابسي الداخلية يومها كانت جديدةً هي الأخرى !
دخلتُ إلى مبنى الكلية .. فاكتشفتُ أنه كان جديدًا أيضًا !
كان كل شيءٍ جديدًا يومها .. و " الإنسان عدو مايجهل " !
تزايدت سرعة نبضاتي .. رغم أني كنتُ أتظاهر بالهدوء و الثبات ..
على بعد خطواتٍ من مدخل الكلية .. كانت أسماؤنا معلقةً على لوحة الإعلانات ..
و كانت الأجسادُ مزدحمةً حولها ..
بحثتُ في الأسماء عن اسمي ..
و بمجردِ أن عثرت عليه .. بدأتُ في البحث عن اسم صديقي آملًا أن يكون معي في نفس المجموعة ..
فالخوفُ يكون أخف عندما يكونُ مقسومًا على اثنين !
و بالفعل .. وجدتُ اسمه معي .. و من تلك اللحظة .. بدأنا نتقاسم الخوف / الترقب ..
إن أكثر ما أثار رعبنا يومها .. أننا شاهدنا طلبة السنة الثانية و مافوقها يبحثون عن قاعاتهم .. فيدخلون إليها بدفاترهم ..
و يخرجون منها و قد تلقوا محاضرةً دسمة .. من أول يوم !
لم نكن نتوقعُ دراسةً دسمةً من اليوم الأول ..
لكننا تعلمنا أن نتوقع أي شيء في كلية الطب !
استلمنا جداولنا .. و قائمةً تضم أسماء الكتب التي سندرسها ..
كان الجدولُ مخيفًا بالنسبةِ لنا .. فقد امتلأت خاناته بمادة اسمها ( اللغة الانجليزية المكثفة ) !
و في اليوم التالي .. حضرنا إلى قاعتنا .. حسب الجدولِ الموضوع ..
جلسنا في القاعة .. ننظرُ في وجوهِ بعضنا بعضًا .. نتبادلُ الابتسامات الباردة .. و نطلقُ الأحكام المسبقة :
" شكله ثقييييييييل دم " !
" شكله دافور " !
" وش لابس ذا ، من صجّه ؟! " !
دخلَ علينا رجلٌ سودانيٌ عجوز ..
يلبسُ عمامةً بيضاء .. و ثوبًا سودانيًا واسعًا .. واسعًا جدًا !
سلّم علينا بلغةٍ عربيةٍ فصيحةٍ جدًا .. و بنبرةٍ جادةٍ جدًا ..
عرفنا بنفسه في كلمتين .. ثم بدأ الدرس ..
لم نفهم شيئًا يومها ..
فالدرسُ كاملًا كان باللغة الانجليزية ..
و الدكتور كان يتحدثُ معنا بنبرةٍ جادةٍ جدًا .. فنهزُ رؤسنا متظاهرين بأننا فهمنا ما يقول !
انتهت المحاضرة بنسبةِ فهمٍ وصلت إلى الـ 0% .. و نسبةِ خوفٍ وصلت إلى الـ 100% ..
لدرجةِ أن البعض بدأ يشاورُ نفسه بالانسحاب من الكلية !
توالت المحاضرات .. و تتابعت الوجوهُ الداخلة علينا .. و تفاوتت درجاتُ الخوفِ من مادةٍ لأخرى ..
إلى أن وصلنا إلى مرحلة التأقلم ..
فتلاشى الخوف ..
و ازدادت الثقة بالنفس ..
حتى أيقنا أننا ناجحون لا محالة !
إلى أن صعقتنا إدارة الكلية بإعلانٍ ينصُ على طرد كل من يتخرجُ من السنة الأولى بمعدلٍ أقل من الـ 3.00 من أصل 5.00 !
فعاد الخوفُ و القلقُ و التوتر ..
و أصبحنا نصابُ بصدمةٍ تلو الأخرى بعد كل اختبارٍ تعلنُ نتائجه !
فقد تعودنا في المدارس على الدرجة الكاملة .. و تعودنا على إقامة الحروب إذا ما نقصتنا نصف درجة !
أما الآن .. فدرجاتنا أصبحت تتناقصُ بشكلٍ كبير .. و خوفنا على المعدل يتزايدُ بشكلٍ كبير !
و انتهت السنة الأولى .. بفرحةٍ كبيرة ..
و خبرةٍ كنا نظنها كبيرة !
و الأهم : بصداقاتٍ ( فعلًا ) كبيرة !!
ألقاكم ..،
و إنه لـ يتبع !
ربما يحدثُ هذا مع الجميع في كل مكان ..
لكنني أجزمُ أنه ليس مرعبًا / مهيبًا بالقدر الذي هو عليه في كلية الطب !
][ فوبيا سنة أولى ][
أنا شخصيًا رقصتُ بجنون أمام مرآة غرفتي ..
و قفزتُ مرارًا و تكرارًا عن الأرض تعبيرًا عن فرحتي بحلمي الذي تحقق ..
لكن قلبي كان ينبضُ بسرعة جنونية كلما فكرتُ بالحياة الجامعية .. و كلما تذكرتُ أن الطب يُدرّسُ بالانجليزية ..
و أنه سبعُ سنواتٍ عجاف !
كنتُ أتمنى حينها أن تطول الإجازة الصيفية إلى ما لا نهاية .. و أن أبقى و يبقى من حولي سعيدًا بهذا القبول .. دون دخولي للقاعات الدراسية !
جاء اليومُ الموعود ..
لبستُ ثوبي الجديد .. شماغي الجديد .. جزمتي الجديدة .. ساعتي الجديدة .. قلمي الجديد .. ( كبكاتي ) الجديدة ..
ملابسي الداخلية يومها كانت جديدةً هي الأخرى !
دخلتُ إلى مبنى الكلية .. فاكتشفتُ أنه كان جديدًا أيضًا !
كان كل شيءٍ جديدًا يومها .. و " الإنسان عدو مايجهل " !
تزايدت سرعة نبضاتي .. رغم أني كنتُ أتظاهر بالهدوء و الثبات ..
على بعد خطواتٍ من مدخل الكلية .. كانت أسماؤنا معلقةً على لوحة الإعلانات ..
و كانت الأجسادُ مزدحمةً حولها ..
بحثتُ في الأسماء عن اسمي ..
و بمجردِ أن عثرت عليه .. بدأتُ في البحث عن اسم صديقي آملًا أن يكون معي في نفس المجموعة ..
فالخوفُ يكون أخف عندما يكونُ مقسومًا على اثنين !
و بالفعل .. وجدتُ اسمه معي .. و من تلك اللحظة .. بدأنا نتقاسم الخوف / الترقب ..
إن أكثر ما أثار رعبنا يومها .. أننا شاهدنا طلبة السنة الثانية و مافوقها يبحثون عن قاعاتهم .. فيدخلون إليها بدفاترهم ..
و يخرجون منها و قد تلقوا محاضرةً دسمة .. من أول يوم !
لم نكن نتوقعُ دراسةً دسمةً من اليوم الأول ..
لكننا تعلمنا أن نتوقع أي شيء في كلية الطب !
استلمنا جداولنا .. و قائمةً تضم أسماء الكتب التي سندرسها ..
كان الجدولُ مخيفًا بالنسبةِ لنا .. فقد امتلأت خاناته بمادة اسمها ( اللغة الانجليزية المكثفة ) !
و في اليوم التالي .. حضرنا إلى قاعتنا .. حسب الجدولِ الموضوع ..
جلسنا في القاعة .. ننظرُ في وجوهِ بعضنا بعضًا .. نتبادلُ الابتسامات الباردة .. و نطلقُ الأحكام المسبقة :
" شكله ثقييييييييل دم " !
" شكله دافور " !
" وش لابس ذا ، من صجّه ؟! " !
دخلَ علينا رجلٌ سودانيٌ عجوز ..
يلبسُ عمامةً بيضاء .. و ثوبًا سودانيًا واسعًا .. واسعًا جدًا !
سلّم علينا بلغةٍ عربيةٍ فصيحةٍ جدًا .. و بنبرةٍ جادةٍ جدًا ..
عرفنا بنفسه في كلمتين .. ثم بدأ الدرس ..
لم نفهم شيئًا يومها ..
فالدرسُ كاملًا كان باللغة الانجليزية ..
و الدكتور كان يتحدثُ معنا بنبرةٍ جادةٍ جدًا .. فنهزُ رؤسنا متظاهرين بأننا فهمنا ما يقول !
انتهت المحاضرة بنسبةِ فهمٍ وصلت إلى الـ 0% .. و نسبةِ خوفٍ وصلت إلى الـ 100% ..
لدرجةِ أن البعض بدأ يشاورُ نفسه بالانسحاب من الكلية !
توالت المحاضرات .. و تتابعت الوجوهُ الداخلة علينا .. و تفاوتت درجاتُ الخوفِ من مادةٍ لأخرى ..
إلى أن وصلنا إلى مرحلة التأقلم ..
فتلاشى الخوف ..
و ازدادت الثقة بالنفس ..
حتى أيقنا أننا ناجحون لا محالة !
إلى أن صعقتنا إدارة الكلية بإعلانٍ ينصُ على طرد كل من يتخرجُ من السنة الأولى بمعدلٍ أقل من الـ 3.00 من أصل 5.00 !
فعاد الخوفُ و القلقُ و التوتر ..
و أصبحنا نصابُ بصدمةٍ تلو الأخرى بعد كل اختبارٍ تعلنُ نتائجه !
فقد تعودنا في المدارس على الدرجة الكاملة .. و تعودنا على إقامة الحروب إذا ما نقصتنا نصف درجة !
أما الآن .. فدرجاتنا أصبحت تتناقصُ بشكلٍ كبير .. و خوفنا على المعدل يتزايدُ بشكلٍ كبير !
و انتهت السنة الأولى .. بفرحةٍ كبيرة ..
و خبرةٍ كنا نظنها كبيرة !
و الأهم : بصداقاتٍ ( فعلًا ) كبيرة !!
ألقاكم ..،
و إنه لـ يتبع !



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
إضافة تعليق ...