مازلنا نبحثُ عن بطلٍ نعلق عليه آمالنا ..
نبحثُ عن رجلٍ يدمن الحديث عن مواجعنا ..
نبحثُ عن رجل نصفق له ، و نكتب عنه ، و ندعوا له / به !
إننا شعوبٌ لا يمكنها أن تعيشَ بلا بطلٍ أسطوري .. تحكي عنه لأطفالها قصة ماقبل النوم !
حكى لي عجوزٌ قصة جمال عبدالناصر ..
و كيف كانوا يجلسون كأنهم أخشابٌ هامدة من شدة الانتباه عند المذياع لسماع خطابات عبدالناصر ..
حكى لي كيف يصفقون ..
و يهتفون .. و يأملون ..
ثم انتهت الحرب بسهولة .. و اعتزل عبدالناصر .. لكنه قبل أن يعتزل .. قال خطاباً أخيراً يتلاعب فيه بمشاعر الناس الحالمة ..
فضاقت الشوارعُ هتافاً ألا ترحل عبدالناصر !
و انتهى زمنه .. و زمن السادات ..
و جاء زمن ياسر عرفات .. ليعيش طويلاً .. متنقلاً من دولةٍ لأخرى .. و من مساعدة لأخرى ..
و من تلاعبٍ بعواطف الناس .. إلى آخر ..
ثم يموت عرفات مسموماً .. فلا يكشف عن هوية قاتله ..
بقدر مايكشف عن أنه لم يكن سوى عميل كبير !
صدام حسين ..
كان في الثمانينات بطلاً لا يمكن أن تتمخض الأرضُ بمثله أبداً ..
حرر القدس بخطاباته ..
و جمع حشوداً تصلي له ليل نهار في كل أرجاء البلاد الاسلامية أملاً في أن يحرر هذا البطل فلسطين ..
و ينشر العدل و القسط !
و حين كان الكل يؤدي مناسك عبادته .. غزى الكويت و احتلها احتلالاً كاملاً في غضون 48 ساعة فقط !!
لابد أن بوصلته اخطأت الغرب فاتجهت للجنوب !
أصبح صدام منبوذاً .. يقاطعه الجميع .. و يتحالف ضده الجميع ..
يمر الجميع باسمه فيبصقون لعابهم بعد ذكره .. و كأنه لم يكن بطلهم الذي ملأ الدنيا و شغل الناس !
و يمضي الوقت .. فيسقط صدام .. و يحاكم أمام الناس جميعاً ..
فيعودُ بطلاً عند البعض .. لأنه ((متحدث)) جيد ..
يتقن سبَّ أمريكا .. و لعن اسرائيل .. و ذرف دمعتين على الأطفال الذين كان يبيدهم كالذباب أيام ألوهيته ..!
ثم يشنق صدام .. و تبقى علامة استفهام على الطريقة و التوقيت .. فيعود صدام بطلاً يترحم عليه الكثير ..!
و يمر الزمان ..
فيأتي أردوغان ..
انسحابٌ جريء من مؤتمر دولي تحضره إسرائيل التي تفتح سفارتها أبوابها في دولته ..!
ثم تصريح و اثنين ..
و سفنٌ تبعث في الماء .. تحفها التصريحات الشجاعة ..
فيصبح أردوغان البطل الجديد ..
و يصبح ( صلاح الدين ) الذي سيحرر القدس .. و يمحو إسرائيل من الوجود ..
و يصلح بين فتح و حماس .. و يحرر جنوب لبنان .. و يصالح المالكي بعلاوي ..
و يحل أزمة إيران .. و يغلق ثقب الأوزون ..
بتصريحاته فقط !!
ألقاكم ..،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
إضافة تعليق ...